وحكى الراوى حكاية (زوجة الخليفة والشيخ الضرير) … وبعد ان سمى باسم الله قال : ذات يوماً كنا نسير فى جنازة. ومعنا الشيخ ابو بكر الضرير. ويسير فى نفس الجنازة صبيان صغار يبكون ويقولون (من لنا بعدك يا ابتاة). فلما سمعهم الشيخ ابو بكر قال (لكم الذى كان لأبى بكر الضرير). وظل كلما قالوا. (من لنا بعدك يا ابتاة). رد عليهم الشيخ ابو بكر قائلاً. (لكم الذى كان لأبى بكر الضرير). فسألناة عن سبب مايقولة.
فقال … كان أبى من فقراء المسلمين. وكان يبيع الخزف. وكانت على نفس حالتى اى ضرير. لا يبصر. وكانت لى أخت اكبر منى. وذات ليلة سمعت أبى يقول لأمى : لقد أصبحت شيخاً. واعتلت صحتى. وانتى ايضاً كبرتى وضعفتى. وقد أقترب منا ما كان بعيد. اى أقترب الموت.
وهذة الصبية (يقصد اختى) بصحة جسمها تخدم الناس. وهذا الصبى. (يقصدنى). ضرير ولا حيلة لة. لايستطيع عمل شيئ. وبكى. وظل طول الليل يبكى هو وأمى. فأصبحت وانا حزين القلب على أمى وأبى.
سبحان مغير الاحوال
وفى الصباح مضيت كعادتى الى الكُتاب. حيث نقراء وندرس مع مُعلمنا. امور القراءان. وبعد لحظات قليلة دخل علينا غلام يعمل فى قصر الخليفة. جاء برسالة من السيدة زوجة الخليفة… فقال لمعلمنا : ان مولاتى تذكرك بقرب قدوم شهر رمضان. وتريد منك ان تأتيها بصبياً. حافظاً للقراءان. حسن القراءاة. طيب الصوت. ليصلى بنا التراويح.
فقال لة المعلم : عندى ماتطلبة سيدتك صبياً حافظاً للقراءان. حسن القراءاة. طيب الصوت. ومكفوف البصر فلن يسبب حرجاً للحريم. وأمرنى ان أذهب مع الغلام.
فأخذ الرسول بيدى ورافقنى الى قصر الخليفة. واستأذن. فأذنت السيدة لى بالدخول. فدخلت وسلمت واستفتحت وقراءت ماتيسر من آيات الذكر الحكيم. فبكت السيدة. واسترسلت فى القراءة. فزاد بكائها. وقالت : ماسمعت قط مثل هذة التلاوة. فرق قلبى وبكيت. ولما سألتنى عن سبب بكائى. فأخبرتها بما سمعتة من الحديث الذى دار بين أمى وأبى وقولة (من للاولاد بعدى) وبكائة هو وامى. فقالت : يابنى عند الله مالا يكن فى حساب ابيك. لكم الله. فهو خير حافظاً.
وأمرت لى بألف دينار. اعطيها لأبى يتاجر بها. ويجهز بها أختى. وامرت لى بثلاثين ديناراً فى كل شهر إدراراً. وكذلك أمرت لى بكسوة. وبغلة مسرجة ملجمة. وسرجاً محلى. وهذا مايجعلنى اقول للصبيان فى الجنازة. (لكم الذى كان لأبى بكر الضرير). أى لهم الله الذى كان لى ولم يضيعنى وانا ضعيف كفيف لا حيلة لى .




