15 سبتمبر 2020

اللباقة هي التعبير الدقيق, وهي القرار السديد, وهي الخيط الحريري الذي يربط العلاقات الإنسانية بأناقة ونجاح… وعليه أصبح إتقان الكلام ثروة… أي أن كلمة سديدة هي من ذهب. وما نقصده بالكلام الذي هو من ذهب, ليس هو الكلام المعسول, والتملق, بل هو الكلمات المخلصة الصادقة التي تجعلك تفوز بحب الناس مع احترامهم, وهو الكنز الذي يساوي الذهب, بل ويفوقه في قيمته, وقدره.

لزوم الصدق:

إن التخاطب مع الآخرين, ليس مجرد التفوه بكلمات عابرة “لا تسمن ولا تفيد”, بل هي في أعماقها, عبارة عن تبادل لأفكار معينة, مقبولة للعقل, وللمنطق… وهذا يعنى أن محادثاتنا مع الآخرين تتطلب التمكن, والقدرة على التعبير بصدق عن آرائنا الخاصة, وعن مشاعرنا الشخصية.

والنجاح هنا, يستلزم أن نتقن فن التكلم بلباقة وكياسة, وليس بالتجمل, والتلوين.

فكيف يكون كلامك من ذهب؟

– إن كنت تعاني من عقدة الكلام في المجتمعات, فأسرع بمواجهة تلك العقدة, وتخلص فوراً من خوفك, وابدأ التدرب على الكلام بصوت مسموع دون خجل, مع أسرتك أولاً… ثم مع أهلك و أصدقائك… وافتح صدرك رحباً لكي تتقبل الملاحظات السلبية لتحاول أن تتخلص منها, ومعالجتها أولاً بأول.

اجعل من تلك الملاحظات عوامل بناء لنفسك وللباقتك, وليس لهدم نفسيتك, ومشاعرك.

– قبل أن تشارك في أي حوارات, لا تحاول أن تحفظ عن ظهر قلب, الكلمات التي تود التحدث بها, لكي “لا تطير” تلك الكلمات فجأة من ذهنك, فتقف في موقف لا تُحسد عليه.

حاول دائماً أن تنبع كلماتك من قلبك, ومن روحك, وليس من الذاكرة, أو بناء على ورق مكتوب.

– من الحكمة, وقبل أن تبدأ الكلام, أن تجمع أفكارك, ثم تنسقها, وترتبها لكي تجعلها متصلة, ومتتابعة… أي لابد لك من إعمال الفكر, والتركيز.

– قبل أن تبدأ الكلام, اعقد النية, وبإصرار, وتصميم على أن تنجح في توصيل أفكارك وآراءك للآخرين, وإقناعهم بما تريد, بالهدوء, والمنطق, والحجة.

– احرص على أن تصغي جيداً لمحدثك, فالإصغاء المهذب, المركز, من أهم صفات المتحدث اللبق, بل هو المرحلة الأولى المهمة التي تسبق الحديث.

فإن الإصغاء الجيد سوف يعطيك الفرصة لأن تستوعب ما يقوله الآخر, ولأن تتفهم وجهة نظره جيداً, كما أنه يعطيك الفرصة للإجابة الجيدة المقنعة, لو أن محدثك سألك رأيك في أي نقطة فرعية ذكرها في كلامه. وهكذا, يكون كل تعليق لك, كلمات من ذهب.

– احذر الغضب والعصبية, والصوت العالي …. حتى لا يشعر محدثك بالقهر والخوف… وكذلك احذر” الكلمات الباردة”, فهي تذهب أدراج الرياح, بمجرد أن تخرج من الفم.

– احذر كلمات ” الغمز واللمز” والرمزية, والإسقاط, فهي تخلق جواً من التوتر, وإحساس الآخر بالدونية, فيتوتر, ويوتر الجلسة كلها.

– ركز أنظارك على المتحدث, حتى يشعر بالاهتمام. ولا تحاول أن تقاطعه. إلا لو إذا جنح إلى أسلوب غير لائق, فعندئذ غيِّر الموضوع بلطف دون أن تُحرجه, أو تُحرج نفسك.

– لا تتهامس بالحديث مع شخص واحد, ففي هذا إحراج للمجموعة.

وهكذا, تزداد ثقتك في نفسك, و تكسب احترام الآخرين ومحبتهم. وكلها كنوز من ذهب, لأن كلامك كان أصلاً من ذهب. واسلوبك يتسم باللباقة

الحجاج وقتيبة والاسير

Comments are closed.

error: عفواُ .. غير مسموح بالنسخ