من يُهمل التربية.. يحصد الخراب - - موقع اللى حصل

22 أكتوبر 2025

حادثة مأساوية شهدها أحد الكمباوندات مؤخرًا، بعدما تحوّل خلاف بسيط بين مجموعة من طلاب مدرسة دولية إلى واقعة عنف مؤلمة انتهت بإصابات خطيرة لطفل وذويه. واقعة كهذه ليست مجرد مشاجرة عابرة بين مراهقين، بل جرس إنذار مدوٍّ يُنبهنا إلى خلل عميق في منظومة القيم داخل بعض البيوت، وإلى ثمنٍ فادحٍ يُدفع حين تُهمَل التربية الحقيقية. من يُهمل التربية.. يحصد الخراب

في السنوات الأخيرة، انشغلت فئة من الأسر بتأمين كل سبل الرفاهية لأبنائها — ملابس، سيارات، أجهزة، اشتراكات في أندية — لكنها أهملت أهم ما يُكوّن الإنسان: الضمير، والمسؤولية، والإحساس بالآخر.
وهنا يطرح السؤال نفسه: هل أصبحنا نقدّم المظاهر على القيم؟

لم يعد بعض الأطفال يعرفون معنى الاعتذار أو احترام الكبير أو التراجع عند الخطأ، لأنهم تربّوا على أن المال والنفوذ وسيلة لتجاوز الخطأ لا لتحمّل نتائجه.

المدرسة بلا شك تلعب دورًا مهمًا، لكنها لا تستطيع أن تُعوّض غياب البيت. التربية ليست منهجًا يُدرَّس، بل سلوك يومي يُكتسب. وما لم يتعلّم الطفل في منزله كيف يضبط غضبه، وكيف يحترم غيره، وكيف يتحمل عواقب أفعاله، فلن تفلح المدرسة ولا القانون في تهذيب ما أفسدته أنانية بعض البيوت.

إن على الأهل أن يُدركوا أن التربية ليست حماية مطلقة من الخطأ، بل تعليم كيف نواجه الخطأ بشجاعة. فالدفاع الأعمى عن الأبناء، مهما كانت تصرفاتهم، لا يصنع حبًا بل فسادًا مقنّعًا بالعاطفة.
يحتاج الأطفال إلى آباء يتابعونهم لا يراقبونهم فقط، إلى أمهات يعلّمنهم أن الكلمة الطيبة أقوى من اليد، وأن الاحترام قيمة لا تُشترى.

القوة الحقيقية ليست في المال ولا في السلطة، بل في خلق جيل يعرف متى يعتذر، ومتى يصمت، ومتى يُدافع عن حقه دون أن يُهين غيره.

لقد آن الأوان لأن نعيد النظر في مفهوم التربية داخل بيوتنا. فالمهم ليس ما نشتريه لهم، بل ما نزرعه فيهم. إنهم لا يحتاجون مزيدًا من الأشياء، بل مزيدًا من القيم.

فالعلم بلا أخلاق يخلق ذكاءً بلا ضمير، والرفاهية بلا تربية تخلق استعلاءً بلا إنسانية. إنها معادلة بسيطة لا تحتمل التأجيل:
من يُهمل التربية.. يحصد الخراب.

توقير الخليفة لشيخ الفقهاء

Comments are closed.

error: عفواُ .. غير مسموح بالنسخ