10 سبتمبر 2020

فالتغيير من أبرز سمات الحياة، بل هو أمر حتمي فيها.. فالطفل يولد ثم يكبر.. ثم يرحل .. والأصدقاء يتغيرون، والوظائف تتبدل .. حتى المجتمعات، والحضارات، والعلاقات، والعلوم، والتكنولوجيا.. الخ.. جميعها تتعرض للتغير.

صعوبة التغيير

ومن الطبيعي ، أن يمر الشخص بالعديد من التغييرات التدريجية.. أما التغييرات الشديدة، والمفاجئة، فهي أمر صعب.. فليس من السهل الانتقال فجأة من المعلوم إلى المجهول. وحتى التغييرات التي قد تبدو للبعض طبيعية، وسهلة، ونافعة، قد تصيب أحياناً البعض منا بالخوف والاضطراب.

فعادة ما يحب الإنسان، الاستقرار والثبات. ولأن الاستقرار يعطي الشخص الشعور بالأمان، فإن الشخص في بيئته يعرف ما هي توقعات الآخرين منه، ويدرك دوره الاجتماعي، ومدى قيمته وقبوله عند الآخرين.


أما البيئة الجديدة فإنها تتطلب بذل مجهود جديد، لخلق علاقات جديدة، وتواصل جديد من أناس آخرين جدد، مجهولي الهوية، حتى يستعيد الشخص شعوره بالأمان في وسط يصبح معلوماً له.

وأحياناً، يتطلب التغيير من الشخص شهوراً، بل وسنوات لكي يتأقلم على وظيفة جديدة، أو على ظروف زواج، أو على مسكن جديد، أو على مرحلة ما بعد التخرج والانتقال إلى الحياة العملية.

فالانتقال هنا من حال إلى حال، يُلزم الشخص بالتعرض لعادات جديدة، ولأسلوب جديد في العمل، ولنوعيات مختلفة من العلاقات.

وعندما يتأقلم الشخص على بيئته الجديدة، فإنه يبدأ وقتئذ في إدراك المسئوليات والاحتياجات الجديدة الموضوعة على عاتقه.. وبناء عليه، فإنه يبدأ في تحفيز قدراته بحسب ما يتطلبه الموقف الجديد.

التحدي لاجل التغـيير

أن التغيير هو التحدي الذي تقدمه الحياة لكل شخص منا. ولذلك فإن التغيير الناجح يتطلب قوة، ورغبة داخلية للنمو والتطور، وكذلك إلى المرونة التي هي المفتاح الوحيد لنجاح التغيير.

أما التصلب فهو يغلق ذهن الإنسان عن الرؤية الداخلية الواضحة، والبصيرة الواعية.

هناك بالطبع، عقائد أساسية خاصة، لا مجال لتحولها، ولابد من التمسك بعدم تغييرها، مثل الأخلاقيات، والإيجابيات، والمثل العليا، فهي تعتبر أموراً ثابتة، وغير قابلة للتغيير أو التحريف، لأنها هي القاعدة التي بني عليها الشخص اختبارات حياته، والتي تنمو بها شخصيته، وتتطور.


ولكن باستثناء هذه العقائد الأساسية، فالشخص يجب أن يكون منفتحاً لآراء الآخرين، ولأفكارهم.

والإنسان الناضج هو الذي يعرف متى ينفتح لأفكار الآخرين ومتى يقبل اقتراحاتهم، ومتى يقف ويدافع عن إيمانه ومعتقداته الشخصية.

متى وكيف

يحدث تغيير في حياة كل شخص منا بدرجات تتفاوت من واحد لآخر، وفي كل الأحوال لا يجب الهروب من مواجهة الصعاب.

فالتغيير فقط، وفي حد ذاته، لا يحقق النجاح المطلوب دائماً، إذا كان هذا التغيير وسيلة للهروب من شيء ما، أو للتملص من مسئولية ما. فإن ذلك إنما يدل على الانهزام.

إنما التغيير مع المرونة، والنضج، والتفتح، ومواجهة الصعاب والتغلب عليها، فهو الذي يعني النمو الشخصي والتغيير إلى ما هو أفضل.

اصنع أنت التغـيير

فاقبل التحدي في حياتك الخاصة، وقم باختبار كل جانب من جوانب حياتك، وتلمس ما يحتاج منها إلى تغيير. فإذا وجدت أنك غير راضٍ عما حققته فعلياً في حياتك، بالمقارنة لما تمتلكه من قدرات ومواهب، فعليك أن تشحذ طاقاتك، وأن تأخذ خطوات عملية نحو استخدام هذه الطاقات بالطريقة الأمثل.


وتذكّر أن التغيير الناجح يتطلب قوة، ورغبة داخلية للنمو والتطور.

أيضاً تذكر أن التغيير يتطلب حكمة، لكي تتوصل إلى ما يحتاج أن يتغير، وإلى تخطيط ووعي لما يجب اتخاذه من خطوات للانجاز، واختيار الوقت المناسب.

إنها مخاطرة تشمل خوفاً من المجهول، لكن بدون التغيير، لا يمكن للإنسان أن يطوّر مواهبه، وقدراته الذاتية.

ابو جعفر ومالك وابن طاووس

Comments are closed.

error: عفواُ .. غير مسموح بالنسخ