في مجتمعاتنا العربية، تتجلى صورة الأم في أبهى معانيها حين تكون المعيلة الوحيدة لأبنائها. فالأم المعيلة ليست فقط تلك التي فقدت شريك حياتها، بل هي أيضًا من تحملت مسؤولية الأسرة كاملة، طوعًا أو كرهًا، في مواجهة ظروف الحياة القاسية.
عالمها مليء بالتحديات
حيث تعيش تحت وطأة ضغوط نفسية واجتماعية واقتصادية؛ فهي مطالبة بتأمين لقمة العيش، وتوفير بيئة تربوية سليمة لأطفالها، بالإضافة إلى تحمّل نظرة المجتمع التي كثيرًا ما تكون قاسية أو غير منصفة. وفي كثير من الأحيان، تُجبر على أداء أدوار متعددة: أم، وأب، ومربية، ومعيلة، دون أن يُتاح لها وقت للراحة أو الدعم.
الأم المعيلة قوة استثنائية وإرادة لا تلين
فهي تمتلك قوة داخلية هائلة تدفعها للاستمرار رغم كل العوائق. كثيرات منهن بدأن مشاريع صغيرة، أو التحقن بوظائف شاقة، أو أعدن ترتيب أولوياتهن من أجل أطفالهن. وتحفل مجتمعاتنا بنماذج ملهمة لأمهات واجهن الفقر، أو العنف، أو الهجر، وخرجن أقوى وأكثر صلابة.
ورغم الدور الجبّار الذي تقوم به، إلا أن الأم المعيلة بحاجة إلى دعم فعلي، لا مجرّد تعاطف. دعمٌ قانوني يُحصّنها من الاستغلال، واقتصادي يضمن لها ولأطفالها حياة كريمة، ونفسي يرمّم ما تهدم من الداخل. كما أن تثقيف المجتمع وتغيير نظرته تجاه هذه الفئة يعدّ أمرًا حاسمًا لتحقيق عدالة اجتماعية حقيقية.
الأم المعيلة ليست مجرد حالة اجتماعية، بل هي رمز للنضال اليومي من أجل البقاء والكرامة. تكريمها لا يكون فقط في يوم الأم، بل بالاعتراف بقيمتها، وبمدّ يد العون لها لتنهض بأطفالها وتبني مجتمعًا أقوى.
