في طريق الحياة، يمرّ الإنسان بمحطات كثيرة، بعضها جميل، وبعضها موجع. لكن المحطات الأصعب، هي التي تترك في داخله أثرًا لا يُمحى. ومع كل تجربة قاسية، يتغير شيء في أعماقه، يكبر دون أن يشعر، ويبدأ في رؤية العالم من زاوية مختلفة. إلا طيبة القلوب
الذين نضجوا من الألم، أصبحوا أكثر هدوءًا، أكثر وعيًا، وأقل انبهارًا. لم تعد تغريهم المظاهر، ولا تُبهرهم الشهرة، ولا يطاردون الأضواء. لأنهم ببساطة، جرّبوا الحياة على حقيقتها، ولم يعودوا بحاجة لزيفٍ يلمع من بعيد.
ومع مرور الوقت، أدركوا أن الجمال لا يُقاس بالصورة، ولا بالعناوين، بل بالقلوب. بالبساطة، بالنقاء، بالنية الصافية التي لا تنتظر شيئًا في المقابل. أدركوا أن ما يحتاجه الإنسان حقًا، بعد كل الانكسارات، هو قلب طيب.. لا يحكم، لا يخون، لا يغيب وقت الحاجة.
لهذا، لا يُدهش هؤلاء الناضجون شيء في الدنيا بقدر ما تدهشهم طيبة القلوب. لأنها الشيء النادر، النقي، الحقيقي في عالم مليء بالتزييف. ولأنهم يعرفون، من واقع التجربة، أن الطيبة اليوم شجاعة، وأن الحفاظ على نقاء القلب رغم كل ما حدث هو بطولة لا يقدر عليها الكثيرون.
الذين كبروا من الداخل لا يبحثون عن كثير، لا يريدون أكثر من إنسان صادق، يربّت على أرواحهم دون أن يؤذيها، ويمنحهم الأمان دون شروط.
في النهاية، كل شيء يتغير، إلا الأثر الذي تتركه القلوب الجميلة. ذلك الأثر يبقى، ويزهر في الروح، حتى حين تجفّ باقي الفصول.
