ظهرت على يد هذا الغلام كرامات من الله بها عليه فكان يبرئ الأكمه والأبرص. ويشفى الناس من سائر الأمراض بإذن الله الشافي المعافى. وكان للملك جليس أعمى فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة. وقال له: اشفنى ولك ما ها هنا أجمع .. فقال الغلام المؤمن ما أنا أشفى أحداً إنما يشفى الله عز وجل. فإن آمنت به دعوت الله فشفاك. احكاية اصحاب الاخدود – الجزء الثانى
لم يتردد الوزير فهو يدرك أن الملك يدعى الربوبية فهو لم يستطيع أن يرد له بصره. كما أنه يدرك أن هذا الملك لا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا ولا حياة ولا نشوراً.
فآمن بدعوة الغلام على الفور. وآمن بالله تعالى الشافي المعافى.. الحى القيوم الخالق البارئ سبحانه وتعالى مالك الملك لا شريك له. .. عندئذ دعا الغلام الله تعالى أن يشفيه ويرد بصره فشفاه
ثم أتى الوزير الملك الجائر فجلس منه نحو ما كان يجلس. وعندما راءه وقد عاد بصيراً تعجب وقال له: يا فلان من رد عليك بصرك؟ قال الوزير بثقة: ربي. فرد علية الملك بغرور: أنا. فقال الوزير: لا ربي وربك الله. غضب الملك. وقال متعجباً ولك رب غيرى؟
قال الوزير: نعم ربي وربك الله .. فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام فبعث إليه.. فلما وقف بين يديه.. قال له: أى بنى بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأمراض ! قال الغلام وقد أدرك أن الملك يؤول كرامة الله له إلى السحر.. فرد فى ثبات وإيمان بالله تعالى: ما أشفى أحداً إنما يشفى الله عز وجل.
قال الملك : أنا .. فرد علية الغلام: لا.. فقال الملك: أولك رب غيرى؟ قال الغلام المؤمن ربي وربك الله.. فأخذ الملك يعذبه ولم يزل به حتى دل على الراهب فأحضروا الراهب فقال له ارجع عن دينك وحين رفض وضعوا المنشار في منتصف رأسه وشقوا جسدة نصفين. وقال لوزيره: ارجع عن دينك فأبى ففعل بة نفس ما فعلة مع الراهب.
وقال الملك للغلام: ارجع عن دينك فأبى .. فأمر نفر من أتباعه أن يأخذوه إلى جبل شاهق – مرتفع – وقال لهم: إذا بلغتم ذروته (نهايته) فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه من فوقه… وعندما صعد أتباع الملك بالغلام رفض يرتد عن عبادة الله لعبادة الملك الظالم.. رفع الغلام يديه إلى من لا تخفى عليه خافية. ويجيب دعوة المضطر إذا دعاه… رفع الغلام يديه إلى الله تعالى يدعوه. فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت.. وحدثت الاستجابة وجاءته رحمة الله السميع البصير ..
فرجف واهتز بهم الجبل فوقعوا من فوقه أجمعون ونجا الله الغلام وحده. ولم يهرب وإنما أدرك أن أمامه رسالة وأمانة هي الدعوة لتوحيد الله تعالى وعبادته وفضح هذا الملك الذي يدعى الربوبية وهو غير قادر على قتله أو يمسه بأذى ! ! فذهب إلى الملك الذى أدهشة عودة الغلام وحده ونجاته من أتباعه…
فقال له متعجباً من أمره: ما فعل أصحابك؟ فقال الغلام بيقين كفانيهم الله تعالى.. فبعث به الملك مرة ثانية مع نفر من أتباعه. وقال لهم: إذا لججتم به البحر – أي : وصلوا به إلى مكان عميق – فإن رجع عن دينه وإلا فغرقوه في البحر..
فذهبوا به إلى البحر. وقبل أن يقذفوه في اليم دعا الغلام ربه مرة ثانية فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت.. فغرقوا أجمعون بإذن الله ونجا الغلام وحده.. وجاء الغلام حتى دخل على الملك وزاد تعجبه أكثر وجن جنونه. فقال: ما فعل أصحابك؟ قال الغلام المؤمن: كفانيهم الله تعالى.. ثم قال للملك: إنك لست بقاتلى حتى تفعلى ما آمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني وإلا فإنك لا تستطيع قتلى… فسألة الملك عما يفعلة حتى يقتلة ؟ قال : أطلب من الناس ان يتجمعوا في مكان واحد. ثم تصلبنى على جذع. وتأخذ سهما من كنانتي من جرابي – ثم قل : باسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني.. ترى ماذا فعل الملك ؟؟؟
أضغط لمتابعة الجزء الثالث والأخير